العنب (من طيبات ما رزقناكم)

قراءة استبصاريه لأغراض تنموية مستدامة

يعد العنب ثمرة من ثمار جنة الآخرة، ومن ثمار أرض الجنتين في الدنيا التي حباها الله الطيبات ومنها هذه الفاكهة الطيبة.
فالعنب اليمني في موازنة الجودة الإقليمية يذكر (عنب اليمن وبلح الشام) وعالمياً (لو أكلت عنب اليمن لاستغنيت عن شرب النبيذ).
وتتنوع وتتعدد أنواعه وألوانه بين البياض الذي تجود به بلاد خولان الطيال أمير العنب (بلا بذر ولا لب) والأسود (الصعدي والجرموزي) ثم الرازقي (بني حشيش) والعاصمي والقوارير والجبري (بمنطقة خارف محافظة عمران).
ويتراءى للمشتهي للعنب المصري أو الصيني أنه لذيذ، لكن ما إن تتذوقه حتى تتقزز من طعمه مقارنة بالعنب اليمني، وقل مثل ذلك على العنب الإيراني والصيني، وهما دولتان تتصدران قائمة الدول المنتجة والمصدرة عالمياً للعنب أو مجففاً في هيئة زبيب.
جدير بالذكر أن مناطق إنتاجه في اليمن سالفة الذكر كانت تعتبره بمثابة محصول نقدي إلى جانب الحبوب كمصدر للغذاء الذاتي.
ومنذ تسعينيات القرن الماضي، ومع ظهور مهن وحرف جديدة في المجتمع تخلى الكثير من المزارعين عن الاعتناء بحضائر العنب، وامتهنوا مهنا أخرى.
ونظراً لتعرض مناطق إنتاج العنب لموجات جفاف طويلة خصوصاً بين عامي ٢٠٠٠ – ٢٠٠٧ الذي سانده عدم دعم الدولة والحكومة لمزارعيه بالآبار الارتوازية؛ فقد تسبب ذلك في انهيار حضائر العنب وغرائسه.
وفي ظل منافسة القات للمحاصيل الزراعية اقتلع المزارعون غرائس العنب واستبدلوها بالقات في ظل غياب الدولة التي لم تقيد زراعة القات ولم تخطط للتخصص في الإنتاج حتى اليوم، والعزاء هنا موصول لوادي ظهر بالذات.
أما الاحتلال العمراني؛ فقد أصاب حضائر العنب في روضة صنعاء الغناء وألغاها من خارطة إنتاج العنب وأردى سكانها في موجات الفقر والبطالة وأصبحوا من النادمين.
وقد طيب خواطرنا مزارعو العنب في وادي بني حشيش الذين أجبروا النمو العمراني للعاصمة صنعاء على المضي أمامه دون الالتفات نحو بني حشيش نظراً لمرارة تجربة أهل الروضة، واستفادتهم منها.
وفي فترات استثمارية ماضية تقدمت شركات صينية وفرنسية نحو الاستثمار في مجال زراعة العنب، لكن هوامير فساد الاستثمار كانوا لهم بالمرصاد، وأجبروهم على العودة من حيث أتوا، وكان بمقدورهم التوجه نحو الزراعة العلمية للعنب.
ومن الحلول التي نقترحها لتفعيل مساهمة العنب في تحقيق نهضة زراعية واقتصادية هو اعتباره سلعة نقدية بغرض تصديره للحصول على العملة الصعبة كمبدأ لدعم الاقتصاد الوطني.
وكذا وضع خطة استراتيجية وطنية للتخصص في الإنتاج الزراعي لجميع المناطق الزراعية تحدد مناطق زراعة العنب وتحافظ عليها.
ومن ضمن الحلول وضع خطة إرشاد زراعي وتسويقي لمزارعي العنب واتباع نموذج الإدارة المتكاملة في قطفه وتغليفه ونقله للأسواق الداخلية والخارجية، وكذا الحد من استيراد العنب والزبيب من الخارج بالتزامن مع إعلان خطة زراعية متكاملة للعنب كعنب أو مجفف كزبيب.
أراهن أن بوسع جودة العنب وسمعته المحلية والإقليمية والعالمية أن تقوى على المنافسة في السوق وتحقق نهضة زراعية وتنمية اقتصادية مستدامة على المستوى الوطني على المدى القريب والبعيد.

*الدكتور – يوسف المخرفي *

*أستاذ ورئيس قسم البيئة والتنمية المستدامة المساعد بجامعة ٢١ سبتمبر للعلوم الطبية والتطبيقية

مقالات قد تعجبك