تشهد الزراعة في اليمن إخفاقات كبرى منذ سبعينيات القرن العشرين الماضي حتى وصلت إلى مستوى ١٥% على تقديرات الاكتفاء الذاتي بحلول عام ٢٠١١م لأسباب عديدة ومتنوعة قابلة للتدخل والحل للعودة إلى عصر الاكتفاء الذاتي، وهو أمر قابل للتحقق في حال توفرت الإرادة السياسية والحكومية والشعبية.
فقد توفرت إرادة وطنية في منتصف الثمانينيات لإحداث نهضة وتنمية زراعية ترتب عنها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الفواكه والخضروات؛ كما تتوفر حالياً إرادة وطنية بالعودة إلى عصر الزراعة وتحقيق تنمية زراعية أصبحت ملموسة وإن كانت تمضي بخطى بطيئة.
وعلى وجه المقارنة؛ ففيما تبلغ نسبة مساحة الأراضي الزراعية المزروعة بنبتة القات ١٥% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية؛ تبلغ نسبة الأراضي الزراعية المزروعة بالبقوليات ٢% فقط على مساحة ٤٦ ألف هكتار بكمية إنتاج سنوية ٩٠ ألف طن.. هذه الكمية لو قسمت على عدد السكان لبلغ نصيب الفرد منها ربع كيلوجرام سنوياً فقط، بينما يفترض ألا يقل نصيب الفرد التغذوي منها عن ٢٠ كيلوجرام سنوياً.
وبالتالي، لا مجال للحديث هنا عن الاكتفاء الذاتي؛ بل عن سوء التغذية وغياب الأمن الغذائي على بعد التغذية المناسبة هذا.
البقوليات التي تشمل (الفول- البسلا- الفاصوليا- العدس- الحلبة) غنية بالعناصر الغذائية؛ حيث تعد مصدراً مثالياً للبروتين؛ وبديلاً غذائياً مناسباً للألبان واللحوم في حال تعذر توفرها لأسباب مادية واقتصادية؛ ويعد هذا قدر كافي من الحديث عن الأهمية التغذوية للبقوليات.
وتزرع البقوليات في اليمن بمحافظات الحديدة في المرتبة الأولى شتاء؛ تليها محافظة صنعاء؛ فمحافظة عمران صيفاً؛ ومن الممكن التوسع في زراعتها وفق خطة زراعية علمية وطنية في محافظة الحديدة التي تمتلك مساحات تهامية قابلة للتوسع للوصول بزراعة البقوليات إلى نسبة ٢٠% من إجمالي الأراضي الزراعية؛ حينها يمكن الحديث عن الاكتفاء الذاتي والتغذية المناسبة والأمن الغذائي؛ أما في محافظات صنعاء وعمران؛ فقد أصبحت أراضيهما الزراعية عرضة للاحتلال العمراني دون رادع ولا وازع، وبالتالي لا يتسع المجال هنا للحديث عن مستقبل زراعة البقوليات في هاتين المحافظتين وفق نهج تنموي زراعي مستدام.
ونخلص من هذا المقال إلى التوصية بالحد من التوسع في زراعة نبتة القات من جهة، والحد من التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية من جهة أخرى؛ حتى نجد متسعاً لزراعة البقوليات وغير البقوليات، والتوصية بضرورة التوسع في زراعة البقوليات حتى نصل إلى مستوى ٢٠% من الأراضي الزراعية المزروعة منها، لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، وكذا توعية المواطنين بأهمية تناول البقوليات المختلفة كوجبة يومية لما لها من أهمية تغذوية بروتينية عبر جميع المؤسسات الاجتماعية وفي مقدمتها التعليم والإعلام.
*أستاذ العلوم البيئية والتنمية المستدامة المساعد
الدكتور/ يوسف المخرفي